برايل بالمصري تقدم روشتة التعامل مع المكفوفين

- خبراء الدعم النفسي يحددون 6 قواعد هامة لنجاح عملية التواصل مع الكفيف

كتبت: آمال كاظم و فاطمة فتحي.

البصر.. نعمة لا يدرك قيمتها سوى من حُرموا منها، من فقدوا القدرة على التعامل بلغة العيون، ودفء النظرة، ولمعة الحياة التي تتسع لها حدقة العين.

3 ملايين مصرى يعيشون هذه الحالة، وفقاً لآخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2017، بينما يتجاوز العدد على مستوى العالم 36 مليون شخص، ومن المتوقع تزايد هذا الرقم ليبلغ 115 مليوناً، حسب دراسة نشرها الموقع الطبي الأمريكي 'ميديكال إكس بريس'.

الأرقام مرعبة.. تماماً مثل حال بعض فاقدى البصر، من خرجوا من دائرة الضوء.. ليستقروا في دائرة الظلام، حالات يعيش أصحابها مأساةً لا تتوقف عند حدود الصعوبات التي يصطدمون بها عندما يواجهون العالم، بل تمتد إلى معاناة أكبر حين يستشعرون أنهم مثار عطف أو شفقة ممن يتعاملون معهم.

من فقدوا نعمة البصر.. منذ الولادة أو في إحدى مراحل حياتهم، يدركون أنهم مطالبين بالتعايش مع واقعهم، لكنهم ليسوا مطالبين بتحمل المزيد.. بسبب جهلنا بالطريقة الأفضل للتعامل معهم.

لذا قررنا البحث لدى المتخصصين عن روشتة التعامل مع هذه الفئة، وكسر الحواجز الوهمية التي تعيقنا وتعيقهم، عن حالة أفضل من التواصل.. والتقارب المثمر.

الدكتور 'هيثم ناجي'، رئيس قسم الإعاقة البصرية بكلية علوم ذوي الاحتياجات الخاصة جامعة بني سويف، قال إن التعامل مع الكفيف لابد وأن ينطلق من كونه إنساناً، له اهتماماته واحتياجاته وطموحاته.. قبل أن يكون كفيفاً، وهناك مجموعة من الفنيات اللازمة للتعامل معه.. والتي تعكس إنسانيته، منها أنك عندما ترغب في مساعدته لعبور الطريق، فإن عليك أن تعرض عليه هذه المساعدة أولاً.. قبل أن تبادر بها، وهو في هذه الحالة قد يقبلها أو يرفضها كليةً، أو حتى بشكل جزئي؛ كأن يخبرك بمعرفته لباقي الطريق، وعليك أن تصحبه بشكل لائق، فلا تمسك بطرف ملابسه.. وإنما بيده، وأن تسبقه بخطوةٍ لإرشاده.

ويضيف 'ناجي' أنه في حال مصاحبة الشخص الكفيف، عليك أن تقدم له وصفاً دقيقاً للمكان، والأشخاص المتواجدين فيه، حتى تحدث حالة من الألفة بينه وبين المكان، وعند دخولك أو خروجك من مكان يتواجد به شخص كفيف، عليك أن تخبره بوجودك حتى لا يتحدث بأمر لا يرغب في أن تعرفه أنت.. وهو لا يعلم بوجودك، أو أنك تنوى المغادرة.. حتى لا يستمر في الحديث ظناً منه أنك تسمعه.. فيُفاجأ برحيلك، مما يُسبب له أذىً نفسياً، فضلاً عن ما يجب مراعاته عند تقديم مشروب له، وضرورة لفت انتباهه إلى مكانه.. حتى لا يسكبه بيده عند محاولته الإمساك به، وألا يكون الكوب ممتلئاً عن آخره.

الدكتور 'محمد حمودة'، مدرس الطب النفسي بكلية الطب جامعة الأزهر، استشاري الطب النفسي بالمجلس القومي للصحة النفسية، يقول إن الأطفال المكفوفين أكثر عُرضة للأمراض النفسية، وتحديداً اضطرابات الاكتئاب والقلق؛ لكونهم يتعرضون للتنمر من أقرانهم الطبيعيين، فضلاً عن أنهم في مرحلة ما يشعرون بأنهم أدنى من أقرانهم، وقد يُصابون بمرض ذُهان الطفولة، فيعانون من هلاوسَ سمعية وبصرية، نتيجة فقدِانهم حاسةَ البصر، ولذلك يجب على الآباء والأمهات إعطاؤهم قدراً كبيراً من الرعاية، وعدم الاعتماد على مُربِّين من خارج المنزل، حتى لا يتعرضوا للإهمال في تغذيتهم أو نظافتهم، لأن هؤلاء الأطفال أضعف قدرةً على التعبير، لافتاً إلى ضرورة دمجهم وعدم منعهم من ممارسة أي نشاط يمارسه الطفل العادي.. بدعوى عجزهم، وكذلك تجنب أي إهانة أو إساءة للطفل الكفيف عند إسقاطه شيئاً ما أو ارتكابه خطأ خارجاً عن إرادته.

الدكتورة 'فاطمة الزيات'، أستاذ علم النفس بكلية التربية جامعة دمياط، تقول إنَّ هناك نوعين من المكفوفين؛ وهما المكفوف الولادي، والشخص الذي لم يولد كفيفاً أو حدثت له إصابة بصرية لاحقاً، وكل نوع يتأثر نفسياً بحالته بشكل مختلف؛ فالثاني يكون أكثر تأثراً من الكفيف الولادي إلى حدٍّ قد يصل إلى الاكتئاب، وذلك لكونه يمتلك ذاكرةً بصرية لا يمتلكها الكفيف الولادي.

وتؤكد 'الزيات' أنَّ تعاملات الآباء والمعلمين تؤثر على اتجاهات صاحب الإعاقة البصرية نحو نفسه والآخرين، كما أن توفير التدريب والتأهيل لهم، وعدم التعامل معهم على أنهم عالة، يسهم في تحقيق هدف التربية الخاصة.. المتمثل في تمتعهم بالاستقلال الذاتي أثناء ممارستهم للمهارات الحياتية، مشيرةً إلى أن هناك كلمات معينة يجب أن يتجنبها الآباء والمعلمون عند مخاطبة الشخص الكفيف، لما لها من أثر نفسي سلبي.. مثل 'معاق، وأعمى'، وانظر، وشايف'، أو حتى الإشارة للأشياء بالإصبع أثناء الحديث معه، كذلك يجب تشبيه الأشياء المعنوية له بأشياء مادية؛ فلا يُقال 'هذا اللون الأحمر' بل 'اللون الأحمر كالنار'، بالإضافة إلى حاجة الآباء والمعلمين إلى تكرار تذكيره بنماذج المكفوفين المضيئة، مثل 'طه حسين، وعمار الشريعي'..وغيرهم، لتشجيعه على الاقتدء بهم.