مسلسل الإهمال الطبي مستمر رغم سن القوانين الرادعة فتيات فقدن أبصارهن بسبب الإهمال الطبي

‘ماريا’ فقدت بصرها في الحضانة وطبيب ‘يشفط’ منطقة العين لياسمين

كتبت: سماء رمضان و شروق محمد.

أن تولد كفيفاً، فهذا تقدير إلهي، يحاول المكفوفون على إثره الاستسلام لقدرهم، والتأقلم والتكيف مع حالتهم من خلال تدريب حواسٍ أخرى والاعتماد عليها كبديلٍ لحاسة البصر، أو حتى من خلال الأجهزة التعويضية التي قد يتاح لهم الحصول عليها، لكن ماذا عن مَن يَفرض عليهم خطأٌ طبي ما، ارتكبه إنسانٌ مثلهم، أن يعيشوا بقية حياتهم في الظلام..

رغم أن الطبيب أحد الأسباب الرئيسية لشفاء المرضى وبث روح التفاؤل والأمل لهم، إلا أن الرياح قد أتت بما لم تشتهي السفن في حياة أطفالٍ لم يبلغوا من العمر سوى يومين؛ حيث وقعوا ضحيةً للإهمال الطبي الذي تسبب في فقدانهم لأبصارهم.. بعد منحهم الثقة الكاملة للطبيب المعالج، لكن تجاربهم سرعان ما أثبتت أن هذه الثقة لم تكن في محلها.. حاولنا أن نتعرف عليهم لنعرض قصصهم ومعاناتهم مع الإهمال الطبي..

قالت ماريا اشرف، طالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، 'لم أكن فاقدةً لبصري عند الولادة ولكن ولادتي في الشهر السابع صاحبها نقصٌ في نمو الرئة مما أدى إلى دخولي الحضانة، وبعدها بأسبوعين عانيتُ من ضيق التنفس؛ لذلك قام الطبيب المعالج بزيادة نسبة الأكسجين بما أثر على العين وتسبب في انفصال الشبكية، وتليُّفها مع مرور الوقت، ولا يوجد حالياً أمل سوى في التجارب التي تُجرى في الخارج على العلاج باستخدام الخلايا الجذعية.

ماريا أشرف

وقالت الطالبة ياسمين أحمد، طالبة بكلية الآداب جامعة عين شمس، 'أنا لم أولد فاقدةً لبصري ولكني وقعت ضحيةً لإهمال أحد الأطباء؛ حيث قام بشفط منطقة العين مما تسبب في فقداني للبصر، وخضعتُ لأكثر من ثمان عمليات جراحية، ولكنَّ حالتي نادرة للغاية، ولم يتم اكتشاف علاجٍ لها إلى الآن حتى في أكبر دول العالم.

ماريا اشرف

صورة ماريا اشرف

ياسمين أحمد

من جانبه قال الدكتور جمعة كمال، أخصائي طب وجراحة العيون بمستشفى بني سويف العام، إن حالات فقدان البصر أثناء الولادة نادرة للغاية، ولكن لها أسباب كثيرة؛ أهمها ولادة الطفل قبل الموعد المتعارف عليه حيث لا يتجاوز عمره 30 أسبوعاً ويُطلق عليه مصطلح 'الطفل المبتسر' ، حيث يكون لديه مشكلة في الرئة أو مرض نقص نمو الرئة، وهنا يتم إبقاؤه في حضانات ذات مواصفات خاصة لمدة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع لضبط نسبة الأكسجين في الدم، وبالتالي من الممكن أن يتعرض لنسبة عالية من الأكسجين تصل إلى 100% بما يؤثر على العصب البصري، ويتسبب في مشكلات بالأوعية الدموية البصرية، ومن ثم هناك ضرورة لإجراء فحص قاع عين لتجنب الكثير من المشاكل التي يمكن أن تصيب هؤلاء الأطفال.

ياسمين احمد

صورة ياسمين احمد

وأضاف جمعة أن ثاني سبب من الأسباب الشائعة لفقدان البصر أثناء الولادة، تعرُّض الأم لبعض الفيروسات التي تصل إلى الطفل مثل 'التوكسوبلازما' التي تسبب ما يُعرف بمرض القطط، ومن ثم يُصاب الطفل بجلوكوما ومياه زرقاء على العين وقد يصل الأمر إلى فقدان البصر في بعض الحالات.

وأكد جمعة أن السبب الثالث لفقدان البصر يتمثل في سوء التمثيل الغذائي عند الأطفال، وهو يرتبط بحدوث مشكلات بالعين كالمياه البيضاء والجلوكوما خاصة عند نقص إنزيم معين في التمثيل الغذائي للطعام، مشيراً أنه يتم اكتشاف أمراض التمثيل الغذائي في الحضانة، عندما يبدأ الطفل في الأكل ثم تحدث له مشكلات مثل عدم التركيز والتشنجات، ويمكن القضاء على هذه الأمراض في حال اكتشافها مبكراً بفحص الغدة الكاعمية أو الفتيل كتلوريا، كما حذر من زيادة ضغط السائل الموجود داخل العين عن المعدل الطبيعي لتسببه في مشكلات بالعصب البصري.

وعن ما إذا كان مرض الصفراء يؤثر على العين، أوضح جمعة أن المرض في حد ذاته لا يؤدي إلى فقدان البصر حيث يقتصر تأثيره على المخ، ولكن تكمن الخطورة في علاجه ضوئياً ومن ثم لابد من تغطية العين وكذلك الأجهزة التناسلية، مشيراً أنه في جميع الأحوال يجب أن يكون الأطباء في كامل يقظتهم أثناء تأدية عملهم لأن القانون وضع عقوبة رادعة لمن يتسبب منهم في عاهات مستديمة للمرضى، وتتمثل في السجن لمدة تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات وذلك وفقاً لظروف الواقعة.