كشف حساب تجربة ‘التعليم عن بعد’

- شكاوى طلابية من صعوبة الدخول على المنصات وضعف جودة فيديوهات المحاضرين

تحقيق: شروق محمد وسماء رمضان.

فرض فيروس كورونا على الجميع التعامل وفق إجراءات احترازية غيرت الكثير من تفاصيل الحياة المعتادة، وبمرور الوقت.. تطفو على السطح العديد من الأزمات التي خلَّفتها تلك الجائحة فى كافة القطاعات، ويبقى الأمل فى عبور تلك الأزمات مرهوناً بالقدرة على التقييم الحقيقي للحلول المفروضة بفعل الوباء.. وهذا ما يدفعنا لطرح تجربة 'التعليم عن بعد' للمناقشة، مستعينين بطرفي المنظومة؛ الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، لتقديم كشف حساب التجربة.

بشكل مفاجيء، علقت الحكومة الدراسة في المدارس والجامعات، للحد من تفشي الفيروس، وهو إجراء اتخذته الحكومات في مختلف دول العالم، ليصبح التعليم عن بعد.. تجربة مفاجئة فرضتها الظروف على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، حيث يتم التواصل بين طرفي العملية التعليمية عبر شبكة الإنترنت، وباستخدام تطبيقات مُخصصة لهذا الغرض، لكن في كل الأحوال كانت التجربة أشبه بمغامرة جديدة للطرفين، ومع احتمالات استمرار هذه التجربة، كان لابد من الوقوف على إيجابياتها وسلبياتها، لتعزيز إمكانية تطويرها.

منصة هندسة

يقول أحمد صلاح، طالب في الفرقة الرابعة بكلية الهندسة جامعة بدر، إن الطلاب واجهوا في البداية مشكلة تعطل منصة التعليم الإلكترونية للجامعة التي جرى إطلاقُها والتعامل عليها خلال العامين الماضيين، مما دفعها إلى تأسيس منصة جديدة للتعليم عن بعد، ولكن لم يستطع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس التعامل معها، حيث يقوم أساتذة المقررات برفع المحاضرات على المنصة بجودة قليلة.

احمد صلاح

صورة احمد صلاح

وأكد أن أعضاء هيئة التدريس يسجلون فيديوهات شرح المناهج، ويرفعونها على المنصة، وكان من الأفضل بالنسبة للطلاب تخصيص أوقات للبث المباشر عبر شبكة الإنترنت، لتوفير مساحة تفاعلية وتواصل مع أعضاء هيئة التدريس على المنصات.

وأوضح أن الهندسة كلية عملية، وتُجرى فيها اختبارات باستمرار، لافتاً إلى أنه في حال اختبار 200 طالب، ربما لا يتمكن سوى 150 فقط من أداء الاختبار، والبقية لن تستطيع لوجود أعطال في المنصة، ولن يتمكن سوى 100 طالب منهم فقط من رفع إجاباتهم عبر المنصة، والخمسين الآخرين لن يتمكنوا من ذلك بسبب ضعف شبكة الإنترنت.. وضعف إمكانيات الموقع ذاته.

ويرى 'صلاح' أن فكرة التعليم عن بعد تحتاج منظومةً إلكترونية وشبكة إنترنت قويتين، يتيحان استقبال وإرسال المحاضرات بسهولة ويسر.

محاضرات الطب

طالبة في الفرقة الرابعة بكلية الطب البشري جامعة الزقازيق -طلبت عدم ذكر اسمها- قالت إن أعضاء هيئة التدريس يلقون المحاضرات عبر تطبيق zoom ونعاني من انقطاع خدمة الإنترنت أثناء متابعة المحاضرات، ولا نستطيع المشاركة والتفاعل معهم أثناء الشرح، كما نعاني وجود تشويش في الصوت أثناء الشرح.. وهو ما يجعله غير واضح.

وأوضحت أن أعضاء هيئة التدريس يحملون المحاضرات في ملفات pdf تتضمن المحتوى العلمي بدون شرح، ويقتصر دورهم في المحاضرات المباشرة على سؤال الطلاب عما إذا كان هناك شيء غير مفهوم لتوضيحه، لافتةً إلى أن أعضاء هيئة تدريس قسم الطب الشرعي فقط هم من يستخدمون تطبيق zoom في الشرح.

ونبهت إلى ضرورة أن يقوم أعضاء هيئة التدريس بشرح المحاضرات 'لايف'، وتمكين الطلاب من مشاهدتهم والإجابة على استفساراتهم، مع إتاحة هذه الفيديوهات بتحميلها على موقع مثل 'يوتيوب'.

رفع المناهج

أسامة شعبان، طالب في الفرقة الرابعة بكلية الإعلام جامعة بني سويف، قال إن أعضاء هيئة التدريس لم يستوعبوا جيداً مفهوم التعليم الإلكتروني عن بعد، واعتقدوا أنه يتمثل في تنزيل ملفات pdf للمناهج الدراسية، ولكن من المفترض أن يحدث ذلك بعد الشرح عبر المحاضرة، كما كان يحدث في الماضي في الكلية، مضيفاً أن هذه الطريقة غير مناسبة للكليات العملية مثل الطب والهندسة.

اسامة شعبان

صورة اسامة شعبان

وأوضح أن أعضاء هيئة التدريس ليس لديهم دراية حقيقية بالتعليم عن بعد، لافتاً إلى أنه من الأفضل رفع محاضرات الشرح في فيديوهات عبر الإنترنت، وبعدها يتم توفير لقاء مباشر للدكتور مع الطلاب.. ليجيب عن استفساراتهم.

تجربة تحتاج تأهيلاً

الدكتورة فاطمة فايز، مدرس الصحافة بكلية الإعلام جامعة بني سويف، تقول إن تجربة التعليم عن بعد.. تعد ثرية على مستوى الطالب والأستاذ الجامعي، وكان يجب تطبيقها من قبل، ولكن هناك بعض المشاكل؛ تتمثل في أن الوباء فرض التجربة فجأةً على أعضاء هيئة التدريس.. وعلى الطلاب، فالبعض يمكن أن يكون لديه 'فوبيا' من التكنولوجيا، لعدم إجادة التعامل معها، وهذا الأمر وارد على مستوى الطالب والدكتور.

د فاطمة فايز

صورة الدكتور فاطمة فايز

وأوضحت أنه ليس كل الناس في مقدورها التفاعل عن بعد عبر الإنترنت، فالعديد من الطلاب الذين أتعامل معهم يتصلون بشبكة الإنترنت من خلال باقات محدودة، لا تتعدي 500 ميجا بايت، وهي لا تتيح سوى إجراء معاملات محدودة، وهو ما لا ينطبق على تشغيل تطبيقات وتفاعل مباشر عبر الإنترنت، لأن الباقة لن تستوعب هذا الأمر، ومن ثم فإن هناك مشكلة تتمثل في عدم توافر خدمة الإنترنت عبر 'واي فاي' لكل الطلاب.

وتضيف 'فايز' أن هناك مشكلة أخرى تتمثل في الضعف الشديد لشبكة الإنترنت، وقد يكون السبب قوة الضغط عليها، لأن الكثير من المهام أصبحت تتم من المنازل عبر الشبكة، بسبب الإجراءات الاحترازية لمجابهة فيروس كورونا، وهو ما يؤدي إلى انقطاع الاتصال بالشبكة، وعدم انتظام الخدمة باستمرار.

وترى أن التجربة كان من الممكن أن تحقق أداءً أفضل، ونجاحات أكبر، في حال توافر سرعة إنترنت عالية، وتوافر أجهزة كمبيوتر عادية أو محمولة.. وليس هواتف، إضافة إلى تدريب الطالب والمدرس على التعامل مع الأدوات التكنولوجية والمنصات الجديدة، وأن يتم كل ذلك بإشراف الجهات المؤسسية التعليمية.

واقترحت 'فايز' المبادرة بعقد اتفاقية تعاون بين شركات الإنترنت والجهات التعليمية، لتوفير خدمة إنترنت بسرعات تيسر عملية التعليم عن بعد، لافتةً إلى أن هناك حاجة لتوفير معطيات معينة من أجل نجاح التجربة، ليتم اعتمادها فيما بعد.

وفي السياق ذاته، يقول الدكتور حاتم نعمان، مدرس بكلية الحاسبات والمعلومات جامعة بني سويف، إن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.. غير مؤهلين لاستخدام الأدوات ومنصات التعليم الإلكتروني، والدعم الفني غير متاح بشكل ملائم، مضيفاً أن نجاح التجربة يتطلب توفير وتجهيز بنية تحتية للإنترنت، وتدريب الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على التعليم الإلكتروني.